أولاً: تعريف وبيان:
المحرم أو شهر المحرم هو أول شهور العام، سمِّي بذلك لأن العرب في الجاهلية كانوا يحرِّمون فيه القتال، ويجمع على محرمات ومحارم و محاريم .
وكانت العرب في جاهليتها مع ما كونوا عليه من الضلال والكفر يعظمونه مع باقي الأشهر الحرم، ويحرِّمون القتال فيها، حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه لم يهيجه، إلى أن حدث فيهم النسيء، فكانوا يؤخرون حرمة شهر إلى شهر آخر ليستبيحوا القتال في الأشهر الحرم.
ويضاف إلى الله تعالى فيقال: شهر الله المحرم.
فإن قيل: ما الحكمة في إضافته إلى الله تعالى مع أن الشهور كلها لله؟! فيقال: يحتمل أنه لما كان من الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال وكان أول شهور السنة أضيف إليه إضافة تخصيص، ولم يصحّ إضافة شهر من الشهور إلى الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا شهر الله المحرم
وقيل: أضيف إلى الله تعالى إعظاماً له .
وكانت العرب العاربة تسميه المؤتمِر أخذاً من أمِرَ القوم إذا كثروا، بمعنى أنهم يحرِّمون فيه القتال فيكثرون، وقيل: أخذاً من الائتمار بمعنى أنه يؤمر فيه بترك الحرب، ويجمع على مؤتمرات و مآمر و مآمير .
ثانياً: ما ورد في صيام المحرم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر اللّه المحرّم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) رواه مسلم
قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم)) تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم"
وقال الشوكاني: "وفيه دليل على أنّ أفضل صيام التّطوّع صوم شهر المحرّم,
ولا يعارضه حديث أنس عند التّرمذيّ قال: سئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أيّ الصّوم أفضل بعد رمضان؟ قال: ((شعبان لتعظيم رمضان))؛ لأنّ في إسناده صدقة بن موسى وليس بالقويّ".
وحمله ابن رجب على أنّ صيامه أفضل في التّطوّع المطلق بالصّيام بدليل قوله عليه أفضل الصّلاة والسّلام: ((أفضل الصّلاة بعد المكتوبة جوف اللّيل))،
قال: "ولا شكّ أنّ الرّواتب أفضل, فمراده بالأفضليّة في الصّلاة والصّوم التّطوّع المطلق,
وقال: صوم شعبان أفضل من صوم المحرّم; لأنّه كالرّاتبة مع الفرائض.
قال: فظهر أنّ فضل التّطوّع ما كان قريبا من رمضان, قبله أو بعده, وذلك ملتحق بصيام رمضان لقربه منه, وهو أظهر".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "اختلف العلماء رحمهم الله أيهما أفضل: صوم شهر المحرم أم صوم شهر شعبان؟
فقال بعض العلماء: شهر شعبان أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه كله، أو إلا قليلا منه، ولم يحفظ عنه أنه كان يصوم شهر المحرم، لكنه حثَّ على صيامه بقوله: ((إنه أفضل الصيام بعد رمضان))،
قالوا: ولأن صوم شعبان ينزَّل منزلة الراتبة قبل الفريضة، وصوم المحرم ينزل منزلة النفل المطلق، ومنزلة الراتبة أفضل من منزلة النفل المطلق، وعلى كل فهذان الشهران يسن صومهما".
وبما تقدم يتبين مشروعية صيام شهر محرم واستحبابه،
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "شهر محرم مشروع صيامه وشعبان كذلك، وأما عشر ذي الحجة فليس هناك دليل عليه، لكن لو صامها دون اعتقاد أنها خاصة، أو أن لها خصوصية معينة فلا بأس.
أما شهر الله المحرم فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم))، فإذا صامه كله فهذا طيب، أو صام التاسع والعاشر والحادي عشر فذلك طيب، وهكذا شعبان فقد كان يصومه صلى الله عليه وسلم".
ثالثاً: علة عدم إكثار صلى الله عليه وسلم الصوم في المحرم:
قال النووي: "قد سبق الجواب عن إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من صوم شعبان دون المحرم,
وذكرنا فيه جوابين:
أحدهما: لعله إنما علم فضله في آخر حياته.
والثاني: لعله كان يعرض فيه أعذار من سفر أو مرض أو غيرهما".
منقول من موقع المنبر
__________________